المنبر الحسيني و التفسير الإعلامي

المنبر الحسيني و التفسير الإعلامي

حافظ منبر العزاء الحسيني على مكانته كعنصر اتصالي فاعل و مؤثر في المجتمع في مجال التوعية والتثقيف وغرس مبادئ وقيم الإسلام التي دعا إليها الرسول الأعظم _صلى الله عليه وسلم_ والأئمة الأطهار بالتحلي بمظلومية القيم والمبادئ والمثل التي تصف السائرين على منهج واقعة الطف على مر التاريخ ومع هذا كله يحتاج منبر العزاء الحسيني إلى التجديد والعصرنة لمواكبة حداثة خطاب اليوم مضمونا وشكلا بسبب ما يواجهه من منافسة تتمثل في الحوارات واللقاءات والندوات وما تبثه القنوات الفضائية والانترنت وتنطلق عملية تجديد المنبر الحسيني وأحداث التغيرات بما يتماشى مع روح العصر من التفسير الإعلامي الذي يهدف إلى فهم طبيعة المنبر الحسيني ودوره التوعوي إلى جانب وظيفته الأساسية ممارسة النقد العلمي والمنهجي على أساس النموذج الاتصالي الشهير: ( من, يقول ماذا, لمن, بأية وسيلة, تأثير ما يقال, وفي أي ظروف, ولأي هدف ). من { المرسل }: ( الخطيب – المقرئ – الروزخوان (1) – المله ):
ولنجاحه لابد من توفر عناصر رئيسية لديه / الشخصية المتماسكة – المعرفة – المهارات اللفظية – الحساسية تجاه رغبات الجمهور – الحساسية تجاه الموقف الخطابي – الثقة بالنفس يقول ماذا{ الرسالة }: الرسالة الحسينية التي تحصن وتوعي الجمهور المتلقي وتعالج القضايا المعاصرة بأسلوب علمي منهجي يقوم على الطرح الواقعي المعتمد على الدليل و الدور الذي قامت به السيدة زينب (ع) يمثل المظلة الإعلامية والصوت المدوي الذي أوصل الرسالة رغم التعتيم والظلم والجور الذي مارسه الأمويين إلا أن صوتها طغى على الظلم.
لمن { المستقبل }: الجمهور المتلقي سواء فرد أو جماعة الذي يحدث به التفاعل والتغذية المرتدة والتأثر والتأثير مما يفرض طرح بعض التساؤلات عن ماهية رسالة مجلس العزاء الحقيقية , ما هو الأسلوب الأمثل في الطرح ؟! , وما هي الكيفية المناسبة في توصيل قيم ومفاهيم النهضة الحسينية للآخر … الخ
وبأي وسيلة { الوسيلة }: وسائل الاتصال بالجماهير وكما هو واضح من تسمية الاتصال الجماهيري (( فإن العملية الاتصالية تستهدف التواصل مع شرائح متنافرة ومتفاوتة عمرا ونوعا وفكرا ))
بواسطة الراديو أو التلفزيون أو الصحف أو الانترنت أو الكاسيت أو السي دي أو الاتصال المباشر في الحفلات الخطابية والمناسبات الاجتماعية أو الدينية, ومن سماة العملية الاتصالية أنها أحادية الاتجاه, أي من المصدر إلى المتلقي ويغلب عليها الشيوع (( الراديو والتلفزيون )) عدا الاتصال المباشر فإنها تحجب الناحية التبادلية العفوية (( ردود الأفعال تجاه ما يقال )).
ما تأثير ما يقال { رجع الصدى }: لعل هذا العنصر لا يحتاج إلى شرح وإيضاح فالتأثير يكون واضحا في المتلقي خاصة إذا امتلك الخطيب الحضور وقوة الشخصية والموهبة والمعرفة فان الجمهور يكون متجاوبا و متأثرا بما يقول وقد يصل بالبعض إلى الانهيار والخروج عن المألوف خاصة في الاتصال الشفهي المباشر لان الجمهور يشاهدون الخطيب وجها لوجه ويتأثرون بنبرة صوته وانفعالاته وتعبيرات وجهه ويديه ويتفاوت هذا التأثير على الاتصال الغير مباشر .

وفي أي ظروف: ذلك إن الخطابة في أي مناسبة أو في مناسبة استشهاد أحد الأئمة المعصومين تختلف في ظروفها وتأثيراتها عن الأيام العادية فإحياء واقعة الطف في شهر محرم الحرام له لون وطعم وتأثير يختلف عنه في الأيام الأخرى ومع ذلك فان الفرد المؤمن يؤمن بان كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء.
ونختم بالعنصر الأخير للتفسير الإعلامي وهو:
لأي هدف: إن نقد المنبر الحسيني باستخدام أسلوب التفسير الإعلامي بواسطة عناصر الاتصال يساهم في تطوير المنبر وزيادة فعاليته وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة في جمهور المتلقي ويتيح الفرص لدراسة السلبيات ووضع الحلول المناسبة لها وترسيخ وتقوية الايجابيات للحفاظ عليه كأحد أهم وسائل الاتصال ذات الأهداف السامية في تأصيل القيم والمبادئ التي نادى بها أبو الشهداء الإمام الحسين _عليه السلام_ وهي: الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحياء سنة الرسول الأعظم _عليه واله السلام _ من خلال المداومة على إقامة الشعائر الحسينية بما لها من آثار نفسية ووجدانية واجتماعية ومعرفية وتربوية وتوعوية.
والحمد لله
الكاتب / يوسف نا شي.
12 يونيو 2012م
الثلاثاء 22 رجب 1433هـ

————————————————

(1) الكلمة فارسية اعجمية
وتذكر المصادر ان تاريخ ظهوره يرجع الى عام 910 هجرية عندما الف الملا ( حسين بن على الواعظ الكاشفي البيهقي السبزواري) ( كتاب روضة الشهداء) حيث اخذ الناس يتلونه على المنابر فاشتهر كل منهم بروضة خوان او ( رزخون) وهي كلمة فارسية وتعني قارىء روضة الشهداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *