المنبر الحسيني والرأي العام

المنبر الحسيني والرأي العام

للمنبر الحسيني دور هاما يمارسه في الحفاظ على التعاليم والقيم والمفاهيم الإسلامية وهو إحدى اكبر الوسائل المؤثرة في المجتمع وكان ولازال من العوامل التي ساهمت في تكوين رأي عام إسلامي تجاه مظلومية آل البيت عليهم السلام وعلى التحديد قصة استشهاد أبي عبد الله الحسين إلى جانب دوره التوعوي والتربوي في ترسيخ المبادئ والقيم الإسلامية وإحياء السنة النبوية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
سوف نتناول في الحديث الرأي العام تعريفه – مفهوم الرأي العام – كيف يتكون الرأي العام – أشكال الرأي العام – الرأي العام الإسلامي.
وفي الجزء الثاني سوف يكون حديثنا عن عوامل الرأي العام – قوى التحريك – القوى الخارجية – القوى الداخلية.
تعريف الرأي العام: الرأي العام هو الموقف الاختياري الذي يتخذه المرء إزاء مسألة أو قضية متنازع عليها قابلة للجدل .
تتكون دائرة الرأي العام من مجموعة آراء فردية تجاه قضية معينة هذه الآراء تتعرض لعمليات خنق أو تطوير تبعا للظروف التي تعيشها الأمة ففي الأمم التي تملك الوعي تخضع هذه الآراء إلى عمليات تمحيص وتنقية والعكس يحدث في الأمم المتخلفة حضاريا وعقائديا كما يختلف الرأي العام في الأمة الحرة عنه في الأمة المقيدة المستعبدة ( موقف المسلمين من الإساءة للرسول في الدنمارك ) خاصة إذا عرف أن الرأي العام يتكون من مصادر أساسية هي:
قضية الدين – قضية الواقع الحضاري – ( تخلف/ تقدم/ فقر/ غنى )
أشكال الرأي العام: يتخذ الرأي العام أشكال متعددة فهو:

أ‌- من حيث الظهور: رأي عام بارز ظاهر وهو ما يعبر عنه بالديمقراطية حيث يحق لكل شخص في المجتمع الإدلاء برأيه الصحيح حول مختلف القضايا ضمن إطار القانون ورأي عام باطل مخفي وهو ذلك الرأي الذي يموج في النفوس والصدور وإذا ظهر كان ملاذ أصحابه السجون ( الطوائف – المذاهب الدينية ) .
ب‌- من حيث الوجود: رأي عام موجود وهو الرأي العام الفعلي الملموس ويرتبط وجوده بفاعليته في إحداث التغيرات الاجتماعية أو السياسية الكبيرة ورأي عام متوقع وهو الرأي المحتمل ظهوره أو انبعاثه اتجاه حدث معين أو قضية معينة
ت‌- من حيث الاستمرارية: وهو الرأي العام الدائم الراسخ في القلوب قبل أن يرسخ في العقول لأنه يتعلق بالعقيدة والدين مثلا كتحريم الكذب ومقته وكرهه, ويوجد رأي عام مؤقت الذي يطفو على السطح فجأة ثم سرعان ما يزول بزوال سببه.
ث‌- من حيث الأصالة: أي وجود رأي عام أصيل وعريق جذوره موغلة في صفحات التاريخ إلى جانب رأي عام غير أصيل ( ظل ) وهو الرأي الذي لا جذور له ولا أصالة.
ج‌- من حيث التأثير والوعي والتوجيه: الرأي العام الموجه يعتمد على ما يسمى بالنخبة في كل دائرة اجتماعية تمتلك هذه الفئة الوعي و الثقافة اللازمة في التأثير المباشر والغير مباشر وهناك رأي عام موجّه وهو الرأي الخاص بأنصاف المثقفين وهذه الفئة تكون عرضة لحملات الصحف والإذاعة والتلفزيون وتتأثر هذه الطبقة بالفكر السائد في المجتمع دون النظر إلى نوعية الفكر أو مصدره.
ح‌- الرأي العام المثقف: أي الطبقة التي تمتلك مؤهلات العلم والثقافة وأسبابها أي قابليته ( الإنسان ) على استيعاب الأفكار وتنظيمها في ذهنه مع توفر الاستعداد النفسي لديه للتفكير وقدرته على إشباع حاجاته الغريزية .

الرأي العام الإسلامي: الري العام الإسلامي يقصد به إن الفرد المسلم تحكمه ضوابط وحدود , والأحاسيس التي تربط المخلوق المسلم بالخالق ونعني به هنا الإيمان إلى جانب الحدود والضوابط التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان وتسمى هذه بالمعاملات والعلاقات وهذان العاملان سبب مباشر في تكون الرأي العام الإسلامي فالإسلام كدين يبدأ في بلورة الرأي العام منذ الصغر حيث يبدأ ببناء الإنسان بناء راسخا من الداخل والمساهمة الفاعلة والقوية في تكوين شخصيته المسلمة وذلك بحثه ودعوته إلى طلب العلم والحكمة ( قال تعالى: {{ اقرأ باسم ربك الذي خلق () خلق الإنسان من علق }} ) اقرأ العلم والدين مع الدعوة إلى التحلي بمكارم الأخلاق الإسلامية كالصدق في القول والفعل , الأمانة , العدل , الوفاء بالعهد, التواضع وجميع الصفات الحميدة الخ…
قال تعالى: {{ فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها }} وقال تعالى: {{ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار }} وقال سبحانه: {{ والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين امنوا }} وقال تعالى: {{ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا }} وقال سبحانه: {{ إن الله يأمر بالعدل والإحسان }} وقال تعالى: {{ فلينظر الإنسان إلى طعامه }} وقال سبحانه: {{ ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور }} لقمان آية 18
نرى إن الرأي العام الإسلامي رأي عقائدي لأنه يمتلك القاعدة العقائدية التي ينطلق منها كل تصرف أو تحرك مهما كان تجاه أي قضية يكون داخل الحدود التي رسمها الإسلام .

يتبع …
الكاتب : يوسف ناشي
1جماد الاولى 1429ه‍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *